Showing posts with label يحيى الرخاوي. Show all posts
Showing posts with label يحيى الرخاوي. Show all posts

Wednesday, November 26, 2008

تعتعة....الزمن والتاريخ و معنى ماهو أوباما






كيف نقرأ ما يمكن تسميته بظاهرة "أوباما"، أو بحَدث انتخاب أوباما (فهو لم يعد بعد ظاهرة، وإن كنا نتمنى ذلك)، إن انتخاب أوباما شىء، وما سيفعله سيادته بشخصه أو بمن حوله شىء آخر.
منذ ظهرت نتائج الانتخابات الأمريكية، والتحليلات السياسية تتواتر بشكل كاف، بحيث لم يعد هناك مجال لإضافة جديدة. ما وصلنى من تحليلات شاملة مفيدة تناولت كل الاحتمالات من أول الأمل فى التغيير "الذى هو"، والذى لا بد جدا أنه سوف يصل إلينا حين يأتى علينا الدور إن شاء الله بإذن الله، من غير مقاطعة، إلى التحذير من أن المسألة ليست أوباما حسين أوباما، أو ماكين رياض بالين وإنما المسألة أعمق من ذلك وأخطر.
حين نتذكر حقيقة القوى التى تحكم العالم فعلا وهى الشركات العملاقة العابرة (والقارحة)، والمافيا ورجال المخدرات والدعارة، وأن الدول ورؤساؤها ليسوا إلا واجهة للمنظرة واحتفاليات نتائج الانتخابات، حين نتذكر ذلك لا ينبغى أن نيأس، بل علينا أن نلتقط من حركة التاريخ ما نواجه به كل ذلك.
سواء تم التغيير أو لم يتم، سواء حقق أوباما ما وعد به أم لم يحقق، سواء اغتالوه من داخله، (وهو الأخطر) أم استطاع أن يقاوم هو وزوجته وابنتيه الجميلات مدة أطول، كل هذا لا يقدم أويؤخر فيما وصلنا من نجاح الشعب الأمريكى فى أن يكون فى صف التاريخ الصحيح.
فما هو التاريخ الصحيح الذى أقصده؟
التاريخ الصحيح هو التاريخ الذى يصحح أخطاءه فى الوقت المناسب قبل أن تودى به هذه الأخطاء إلى الهلاك فالانقراض.
فى أقل من ثلاثمائة عام صحح الشعب الأمريكى خطأ خطيرا كان يهدد البشرية كنوع أصلا، وهو خطأ أن ينقسم الجنس البشرى إلى أجناس متعددة، تهلك بعضها بعضا، لقد أثار إريك فروم العالم النفسى الأشهر فى كتابه "تشريح عدوانية الإنسان" (1973) تساؤلا‏ ‏مزعجا‏ ‏يقول‏: ‏هل‏ ‏الإنسان‏ ‏نوع‏ ‏واحد؟‏‏ ‏قال فيه:‏ "... أنه ‏ ‏نظرا‏ ‏لاختلاف‏ ‏اللغات‏ ‏والألوان‏ ‏والأوطان‏،‏ ‏قد‏ ‏يكون‏ ‏استقبالنا‏ ‏لبعضنا‏ ‏البعض‏ ‏قد‏ ‏وصل‏ ‏إلى ‏اعتبارنا‏ ‏أجناسا‏ ‏متعددة‏، ‏لا‏ ‏جنسا‏ ‏واحدا‏" وقد استلهمت من هذا الرأى فى أطروحتى عن "الإبداع والعدوان" (الإنسان والتطور 1980) أن‏ ‏هذا‏ ‏الاحتمال‏ ‏يفسر‏ ‏جزئيا‏ ‏تلك ‏ ‏الغرابة‏ ‏حين ‏يتصف‏ ‏الإنسان،‏ ‏دون‏ ‏الحيوانات‏ ‏الأدنى، ‏بصفات‏ ‏تبدو‏ ‏غبية‏ ‏بيولوجيا‏، وتطوريا، ‏إذ‏ ‏هى ‏مهددة‏ ‏لجنسه‏ ‏بشكل‏ ‏خطير، فهو الكائن الوحيد الذى لا يتورع عن قتل أخيه من نفس نوعه، دون سبب تطورى بقائى، ودون اعتبار لعلامات الإذعان.
إن ما فعله بوش – بما يمثله وليس فقط بشخصه – قد عرى هذا الخطر وجسده أمام البشرية جمعاء على مستويات وعى مختلفة، هذا هو ما أدركه النوع البشرى وهو يشاهد كيف يقتل أفراد النوع البشرى بعضهم بعضا، لمجرد تحقيق مكاسب اغترابية لا تعود حتى على المنتصر بأى مقومات حقيقية للبقاء.
حين تصل مثل هذه المؤشرات للجنس البشرى، دون استثناء الشعب الأمريكى، بل وعلى رأسهم الشعب الأمريكى أكثر الله خيره وعمق وعيه، يسرى بين النوع شعور بالتهديد الحقيقى لبقائه أصلا، وقد سهلت وصول هذه الرسالة العالمية ثورة التواصل الأحدث عبر العالم، ذلك التواصل الذى نجح، ولو مرحليا، أن يتجاوز مركزية القتلة حكاما وشركات، وحين وصلت رسائل التهديد بالانقراض إلى كل الناس، قام الشعب الأمريكى بالاصالة عن نفسه، والنيابة عنا جميعا بمحاولة تصحيح الخطأ، ودرء خطر الانقراض الذى تجلى أكثر فأكثر ليس فقط بتمييز الأبيض عن الأسود، وإنما –بتقسيم العالم- على لسان أغبى من حكمه، إلى معسكرات للشر والخير.
فرحتنا أن التاريخ قادر على تصحيح نفسه بهذا الجمال، لا ينبغى أن تلهينا عن أن قوى الانقراض سوف تسارع بإجهاض ما كشفها هكذا، وهى سوف تلعب أول ما تعلب على أوباما نفسه وبطانته.
فرحتى كانت أكبر وأنا أسترجع الأرقام التى تطمئننى على أن ثلاثة قرون هى بمثابة جزء من ثانية بحسابات التطور والتاريخ، فلماذا التخوف؟ ولماذا اليأس؟ حتى لو أفسدوه أو خربوه أو أجهضوا آمالنا فيه.
بعض الخيال لو سمحت – عزيزى القارئ- لتزداد فخرا بما فعله الشعب الأمريكى خلال أقل من ثلاثمائة سنة: يرجع أصل الحياة على الأرض، ومن ثم أصل الإنسان إلى بلايين السنين، عمر الإنسان الحالى حوالى 600 ألف سنة، عمر الأديان السماوية 4000 سنة ..إلخ
ما رأيكم؟ أليس ما حدث فى ثلاثمائة عام يستأهل فرحة أصيلة باقية، بعيدا عن الأشخاص، كما أنه يستلزم أن نواصل تفاؤلنا لفعل أكثر عمقا وأطول عمرا،
يا رب قوّنا عليهم


يا رب سترك






Wednesday, August 20, 2008

ملف الحب والكراهية.....الدفء البشرى معاً،"والقلوب مع بعضها: مش سايبه فكّهْ


:الأستاذ الدكتور/يحيى الرخاوي
مقدمة
تكلمنا أمس عن ممارسة الحنان دون حاجة إلى تسميته كذلك، بل لعلنا – ولو بغير قصد - فضلنا عدم تسميته،


ونواصل اليوم ما هو أشمل من الحنان وهو ما أسميته "الحضن الدافئ"، وحين نرجع إلى رولوماى لاحقا سوف تجدون أن الكبار وهم يمارسون الإروس (الحب الأرقى) هم أكثر احتياجا من الأطفال لهذا الدفء البشرى المحيط، هذا لمن استطاع أن يحافظ على طفولته فيه.. ولمن لم يستطع أيضا


الحضن الدافئ
نفسى لمسةْْ من إيديكْ
نفسى أدفنْ راسى فيكْ
نفسى أطـَّـمِـنْ عليك
نفسى انام جوّا عيِنيِكْ

نفسى فى حضنِك يدَفِيِّنِى وانا باتغطى بيهْ
بس مش عايزُهْ يخبينى، ولا أختفى فيهْ

يحتوينى، وانا برضه أحتويهْ،
لا انا باشحتْ، ولاَ انتَ بتشتريهْ.
دا العيال بيقولوا بدرى: إحنا أْوْلىَ
إحنا مش عايزين "كلام حُب" علاوْلَهً
إحنا تكفينا الإشارة
لمسة حلوة تغنى عن مليون عبارة
"آنا مش عايز أمَارَة!

لمسة بتقول انّ انا مش بس بينكمْ
لأ، دانا عايش بروحى فيكو، منكمْ

برضه من حقى أكون نَفْسى : وحيد
بس مش بالغيك، ما هو انت مش بعيد
.... حبّة حبّة
...... يحتوينا الحضن قُــبّه

حضن كل الناس خيمتنا وأمْـنِـنَـا
حضننا لو صَح يوصل لمّا عند ربنا

كده نضمن لو خـِلى واحد بنا
مش حانغرق وسط دوّامة الضياع والمسكنة
لو حمانا حضنكم حبهْ كُتاَر
حضنكو الدافى اللى مش لهاليب ونار،
حضن يحمى، بس يسمح،
حضن بيطـمـَِـن، ويمنح:
فرصة للى بِـدُّه يسرح
إنه يلعب- يجرى- يشطح
وامّا يرجع يلتقيه ما زْعلشى منّهْ
ماهو لمّا راح ما كانشى غصب عنّـه

تبقى حركة،
مش كلبشات خانقة ماسكهْ
والقلوب مع بعضها، مش سايبة فـكّهْ

لو كده: نكبر ونعملها: نطير
كل واحد يبقى ناس حلوة كتير
بس يتريس عليهم حدّ منهم
بالتبادل والسماح مش غصب عنهم.

تفضل الحركة كده جوه وبرّه
بس يتغير رئيسها كل مرة

لمْ يبطـّـل إنه يدخل ثمّ يطلعْ
يبقى آمِن، قومْ يهدّى اللعب، مش محتاج يبرطع.
تبقى رحلة حركة دايمة مِـالـّلى هيـّـهْ
لمّا نسمح إننا نِصْغَرْ شويةْ
لاجل ما نكبر كما شجرة عفية
اتروت: حُـب وميّة

أبعاد أخرى:
هذه الأغنية، تؤكد معظم ما سبق ذكره أمس من أبعاد الحركية والمسافة والتحديد، وتضيف أخرى:
أولا: الثقة الأساسية متبادلة
تشيع عادة، وحتى فى النظريات النفسية التقليدية، أن حاجة الطفل الأساسية هى أن يطمئن إلى من يحتويه، إلى سند يلجأ إليه، ليكون القاعدة التى ينطلق منها ليعود إليها، هذا صحيح، لكنه لا يبرر ألا نعطى اهتماما كافيا لدور المتلقى (الطفل أو غير الطفل) فى دوره فى المشاركة فى أن ثمَّ تبادلا جاريا هو الذى يحافظ على الحركة، فبقدر ما يحتاج الطفل (فينا) إلى أن يطمئن إلى القبول، يحتاج مصدر الثقة (الأم أو الكبير أو المحبوب) إلى أن تصله رسالة من المتلقى أنه تلقّى، وأنه قادر على تبادل الثقة.
إن أى رسالة من جانب واحد هى مبتورة، صحيح أننا عادة لا نلاحظها لكن الأم تكتسب الثقة من طفلها كما يكتسب هو الثقة من احاطتها، هذه الثقة المتبادلة هى التى تحفز أكبر قدر من الشجاعة للدخول دون خوف من التلاشى، وأيضا هى تغنى عن استجداء العواطف، أو شرائها بمقابل بخس أو مشبوه

.
نفسى أطـَّـمِـنْ عليك
نفسى انام جوّا عيِنيِكْ

نفسى فى حضنِك يدَفِيِّنِى وانا باتغطى بيهْ
بس مش عايزُهْ يخبينى، ولا أختفى فيهْ

يحتوينى، وانا برضه أحتويهْ،
لا انا باشحتْ، ولاَ إنتَ بتشتريهْ.

ثانيا: الإفراط فى التعبير بالألفاظ وما أشبه
شفرة العلاقات المتبادلة هى عادة شديدة القصر، فائقة الاختراق،
ولعل إشكالية سجن عاطفة ما فى ما "تسمى به" لا يقتصر على خنقها أو اختزالها، بل إنه قد يمتد إلى

"امتهانها وتشويهها"

دا العيال بيقولوا بدرى: إحنا أْوْلىَ
إحنا مش عايزين "كلام حُب" علاوْلَهً
إحنا تكفينا الإشارة
لمسة حلوة تغنى عن مليون عبارة
"آنا مش عايز أمَارَة!

لمسة بتقول انّ انا مش بس بينكمْ
لأ، دانا عايش بروحى فيكو، منكمْ

ثالثا: الحق فى الوحدة مع وجود الآخر

To be alone with


برضه من حقى أكون "نفسى" : وحيد
،
بس مش بالغيك، ما هو انت مش بعيدْ


كثيرا ما يشاع أن الوحدة هى شىء مرفوض طول الوقت، وأن الشخص الذى يمارس وحدته هو شخص انطوائى منغلق ... إلخ.
هذا غير صحيح.
إن قبول الوحدة المرحلية (الحركية) هو جزء لا يتجزأ من "برنامج الدخول والخروج" ، هو أمر طبيعى بل و صحى فى حدود دورها فى الحفاظ على العلاقات الإنسانية: مرنة ومتحركة كما أشرنا.
إن الانتقال من الذات إلى الآخر وبالعكس، فى التوقيت المناسب، يزيد من فرص التعرف على هذا الآخر تعرفا متجددا باستمرار، وهو أيضا يعفى الذات من الاختناق بحضور الآخر محيطا طول الوقت. إن هذا الحق فى الوحدة قد يكون ألزم فى العلاقات الزوجية (كمثال).
تاريخ التطور يجسد لنا فائدة الانسحاب إلى البيات الشتوى فى كثير من الأحياء بما يحافظ على حيوية واستمرارية التجدد البيولوجى والتطور والحياة.

رابعا: القاسم المشترك الأبقى

حبّة حبّة، يحتوينا الحضن قُــبّه.
حضن كل الناس خيمتنا وأمْـنِـنَـا. حضننا لو صح يوصل لمّا عند ربنا، كده نضمن لو خـِلى واحد بنا، مش حانغرق وسط دوّامة الضياع والمسكنة


التهديد الحقيقى لتشويه أو إفشال العلاقات البشرية هو أن تقتصر على اثنين بمعنى الاحتكار والاستبعاد لكل من هو خارج هذه الدائرة المغلقة بين اثنين. إن الفرق بين القدرة على الحب، وبين حالة الحب، هو الفرق بين المولد الكهربى، والبطارية. المولد الكهربائى يصدر طاقة فياضة تتجدد بالحركة، أما البطارية فهى تفرغ بالاستعمال ما لم يغذيها المولد باستمرار. الذى يحافظ على الحب الثنائى هو أن يكون ممثلا للقدرة على الحب، وليس احتكارا لفعل الحب، وهى قدرة تمتد عبر كل الناس إلى الحق عز وجل الذى خلقنا ليتوجه كل من موقعه إليه عبر الناس. هذا هو ما أسميته القاسم المشترك الأبقى، وهو الذى يحمى المحب ضد مفاجآت التخلى، يحميه من الضياع، مثلما يحميه من مذلة الاستجداء.

خامسا: السماح ودرجة الدفء

لو حمَانا حبكم حبّه كتار، حضنكو الدافى اللى مش لهاليب ونار، حضن يحمى، بس يسمح، حضن بيطـمـَِـن، ويمنح: فرصة للى بِـدُّه يسرح. إنه يلعب- يجرى- يشطح. وامّا يرجع يلتقيه ما زْعلشى منّهْ. ما هو لمّا "راح" ما كانشى غصب عنّـه.
تبقى حركة،
مش كلبشات خانقة ماسكهْ
والقلوب مع بعضها، مش سايبة فـكّهْ

مع دوامية الحركة، يجرى السماح تحت مظلة من الثقة والطمأنينة المتبادلة، حتى لو أدى هذا السماح أحيانا لما يبدو شطحا.
السماح يواكب درجة حرارة الحنان التى كلما كانت مناسبة، كانت فرص النمو أكبر.
الدفء المناسب المتقطع هو الذى يجعل بيض الطيور يفقس، لو زادت درجة حرارة الاحتضان حتى اللهيب،أو زادت مدته حتى الاختناق، انسلق البيض أو فسد دون فقس، وقد اشرنا أمس إلى أهمية، بل حتمية، حركية الذهاب والعودة، سواء بنموذج برنامج الدخول والخروج، أو بحركية الاختفاء فالظهور، هذا هو الذى يجعل الترك أمرا طبيعيا، والعودة دائما متوقعة.

أخيرا: التعدد والواحدية

لو كده: نكبر ونعملها: نطير، كل واحد يبقى ناس حلوة كتير، بس يتريس عليهم حدّ منهم، بالتبادل والسماح مش غصب عنهم. تفضل الحركة كده جوه وبرّه، بس يتغير رئيسها كل مرة. لمْ يبطـّـل إنه يدخل ثمّ يطلعْ، يبقى آمِنْ، قومْ يهدّى اللعب، مش محتاج يبرطع.

نكتفى هنا – مؤقتا - أن نشير إلى أن حركية العلاقات وتبادلها وحيويتها وتجددها، كل ذلك يتيح فرصة لمستويات الوعى المختلفة أن تتشكل وتتبادل بكثرة قابلة للجمع تحت قيادة واحد منها، لكن فى لحظة بذاتها: لا يوجد إلا قائد واحد هو الذى يدير الدفة حسب التوجه المناسب للموقف والمهمة، ثم تتبادل المستويات القيادة، مثل تبادل النوم واليقظة. وهذا موضوع سبق أن طرقناه (أنا واحد ولا كتير رقم 5 من سلسلة الإنسان "تتحرك كياناتنا الحية، فنعيد تشكيلها: فنبدع!" ونشرت فى روز اليوسف بتاريخ 3-2-2006)
يحتاج إلى عودة مستقلة.